السؤال

تساؤلات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أود أن أسأل متى جاء حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه : (من بدل دينه فاقتلوه) أي في أي سياق؟ و هل صحيح أنه جاء كحالة طوارئ لإبعاد و هزم كيد المنافقين؟ و هل كان المسلمون يقتلون المرتدين بمجرد اعتقادهم لدين آخر خصوصا في القرون التي كان فيها العلماء المسلمون متميزون في مختلف المجالات؟ وهل كان هؤلاء العلماء يظهرون إيمانهم لأنهم يخافون أن يقتلوا؟ ما الدليل العقلي لدحض هذه الفكرة؟ و ما هو قدم العالم ؟ و ما هو قدم نوع العالم ؟ و هل صحيح أن كثيرا من العلماء المسلمين قالوا بقدم العالم؟ و هل شيخ الإسلام رحمه الله قال بقدم نوع العالم؟ و هل يتناقض قدم نوع العالم مع الدين الإسلامي؟ . و شكرا لكم مسبقا، جعلها الله في ميزان حسناتكم

الإجابة

لقد أثيرت في الإسلام قديما ولا تزال تثار قضية الردة والمرتد، ويبقى الفهم الأصح والأسلم لها المنسجم مع روح التشريع ونصوصه ومع السيرة العملية للنبي صلى الله عليه وسلم أن المقصود بقتل المرتد هو الخائن للجماعة، المفشي لأسرارها، والمستقوي عليها بخصومها؛ أي ما يعادل الخيانة العظمى في القوانين الدولية، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: « من بدل دينه فاقتلوه » . المقيد بقوله: «..التارك لدينه المفارق للجماعة » ، وترك جماعة المسلمين لم يكن حينها إلا التحاقا بجماعة المشركين خصومهم وأعدائهم في سياق الحروب الدائرة بينهم. فالردة هنا سياسية وليست فكرية. ولقد تحدث القرآن الكريم عن الردة الفكرية في آيات عديدة ولم يرتب عليها عقوبة دنيوية وإنما جزاء أخرويا كما في قوله تعالى: ﴿ ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فَأُوْلَٰٓئِكَ حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ﴾ [البقرة: 215]. كما أن ثمة شواهد في السيرة النبوية منها صلح الحديبية الذي كان من بنوده: أن من أسلم ثم ارتد إلى قريش لا يطالب به المسلمون، وأن من التحق بالمسلمين من المشركين استردوه. وفي الرجل الأعرابي الذي أسلم ثم طلب إقالته من شهادته فلم يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم، فخرج من المدينة ولم يلحقه أذى، وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم «المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها » ، بالإضافة إلى حالات أخرى ارتدت على العهد النبوي ولم تُحَدَّ بهذا الحد. ولم يكن قتال أبي بكر رضي الله عنه للمرتدين إلا بالمعنى السياسي العام، ضد طائفة شقت عصا الطاعة على الإمام، وأرادت أن تفرق وحدة الجماعة، وتفسد فهم الدين بتعطيل أحد أركانه، ومعلوم أن الدين كان ولا يزال عمود الاستقرار الأساس في المجتمع. وما كثير من الفتن والحروب الدائرة اليوم إلا بسبب فساد تأويله وسوء استغلاله وتوظيفه. سبيل العلماء ص: 100.